لقيَ النَّبيُّ (شاريا) ذات يومٍ غلاماً في حديقة، ومذ بَصُرَ به هذا، أسرع إليه وقال: "طاب صباحُكَ ياسيّد!". وردَّ النَّبيُّ تحيّته: "طاب صباحُكَ ياسيّد!" وتابع الكلام بعد قليل: "أراكَ وحيداً!".
أجابه الغلام، ضاحكاً فرِحاً: "لقد مضى عليَّ وقتٌ طويلُ وأنا ضائعٌ عن مُربِّيتي، وهي تحسَبُ أني وراء هذه الوشائع. ولكن ألا ترى أنني هنا؟" ثم حدَّق إلى وجه النَّبي وقال: "أنا أيضاً وحيد. ماذا فعلتَ مع مربِّيتِك؟".
وردَّ النّبيُّ قائلاً: "الأمر بيننا مختلفٌ. الحقيقة الدّامغة أنني لا أستطيع أن أضيّعها أغلب الأحيان. ولكني الآن، إذا أتيتُ هذه الحديقة، كانت هي تسعى في طلبي وراء الوشائع".
ضرب الغلام يداً بيد وصاح: "أنت إذن ضائعٌ مثلي. أليس حسناً أن يكون الإنسان ضائعاً؟"، ثم قال: "مَن أنت؟".
أجابه الرجل: "يدعونني (النَّبي شاريا). وأنت؟ قل لي مَن أنت؟". قال الغلام: "أنا ذاتي وحدها ومربِّيتي تبحث عني، وهي لا تعرف أين أنا".
وحدَّق النّبي إلى الفضاء قائلاً: "أنا أيضاً تهرَّبتُ مِن مربِّيتي لبُرهة، ولكنها ستعثر عليَّ خارجاً".
وقال الغلام: "وأنا أعرف أن مربِّيتي ستجدني خارجاً أيضاً".
وسُمع في تلك اللحظة صوتُ امرأة تنادي الغلام باسمه. فقال هذا: "انْظُر! قلتُ لكَ إنها ستجدني".
وفي تلك اللحظة أيضاً سُمع صوتٌ آخرُ يقول: "أين أنتَ (شاريا)؟".
وقال النبيُّ: "انْظُر يا ولدي! لقد وجدوني أيضاً".
وأدار (شاريا) وجهه للعلاء، وأجاب: "أنا هنا".