أيهما أخطر أمريكا أم إيران؟ Omar mastO
يتحدث الكثيرون- وأغلبهم من غير أهل العراق - عن خطر أمريكا ومشروعها الاستعماري المتعدد الأشكال على المنطقة، مهونين - في الوقت نفسه - من شأن الخطر الإيراني. بل إن منهم من ينفي أن يكون ثمة خطر واقع، أو قادم من جهة إيران. ويخرج لنا من بين الجدل الدائر حول هذه القضية الخطيرة البالغة الخطورة تساؤل يطرح نفسه بقوة، ويحتاج منا إلى جواب علمي موضوعي واضح: أيهما أخطر: أمريكا أم إيران؟
هل إيران خطر كما أن أمريكا خطر؟
وقبل الشروع في الجواب عن السؤال السابق، أرى أن نجيب عن سؤال آخر: هل إيران خطر كما أن أمريكا خطر؟ أم ليست كذلك؟ فإذا ثبت لنا أنها خطر، كان الحديث عن السؤال الأول مسألة كمالية لا ينبغي أن نختلف حولها كثيراً؛ إذ يكفي أن ندرك أن خطراً ما يتهددنا، لنتعاون على درئه، والوقوف بوجهه. فتعدد الأخطار لا يلغي بعضها بعضاً، ولا يدعو إلى ترك الاهتمام بالبعض دون البعض الآخر. اللهم إلا عندما نكون مضطرين للمهادنة، أو تأجيل المواجهة، بسبب ظروف المرحلة. وعندها لا ننفي الخطورة أصلاً، وإنما نقول: إن المرحلة اقتضت التصدي لهذا دون ذاك، أو تقديمه عليه في سلم الأولويات، أو حجم الجهد المبذول. وهذا خارج عن نطاق موضوعنا.
نعم إيران خطر.
أقول ذلك مباشرة ومواجهة.
وخطر كبير! وما تفعله إيران في العراق اليوم من تخريب واعتداء وتآمر مع الأعداء، يكفي لتأييد وتأكيد هذه الحقيقة الصارخة. ومن جهلها أو تجاهلها فهذا شأنه، والعيب عيبه. ولا يستحق منا أن نأخذ بيده ليرى بعينه؛ لأن من كانت هذه حاله فهو: إما سيء القصد، أو جاهل إلى أقصى حد. فنحن نقتل - ومنذ ما يقرب من خمس سنين - على يد إيران وهو لا يدري!!! إذن مثل هذا لا يهمه أمري؛ فلا يهمني أمره. ناهيك عن احتلال إيران لأكثر من قطر عربي، وتهديدها لدول المنطقة المجاورة والبعيدة، وإعلانها تبعية دول وأقطار أخرى لها، العراق نفسه واحد منها!
إيران معتدٍ أم عدو؟
قبل أكثر من عام كنت في جلسة نقاش مع أخ فلسطيني من (حماس). قال: أنا أؤيدك فيما تقول وأعترف لك بأن إيران معتدية، ولكن هذا لا يجعل منها عدواً. صدام غزا الكويت، فهل هو معتدٍ أم عدو؟ قلت له: ما هو ميزان التفريق بين هذا وهذا حتى أجيبك؟ فقال: الميزان يقوم على ثلاثة أسس: التركيبة النفسية، والتاريخ، ووجود المخطط المسبق.
قلت: وهذه الثلاثة كلها متوفرة في ايران. وإلى آخر حد!
أما التركيبة النفسية الجمعية الإيرانية: فتجمع بين عقد عديدة، أولها الحقد، والحقد الموجه للعرب تحديداً، والفرس حملة الراية الشعوبية المعادية للعرب. ومنها عقدة الثأر والانتقام. بل العدوانية أحد عناصر هذه التركيبة النفسية. وهذا ما قررته دراسات حديثة للشخصية الفارسية. وأنا لي مؤلف في ذلك.
وأما التاريخ: فيكفي أن تعلم أنه ما من حضارة قامت في العراق إلا وكانت نهايتها على يد إيران: مباشرة أو بالواسطة! فالحضارات الست التي قامت فيه (أكد وسومر وآشور وبابل والحضر وبغداد) انتهت على اليد نفسها. ماذا تسمي معتدياً مخرباً كهذا؟!
وأما المخطط المسبق: فمشروع "تصدير الثورة" إلى دول الجوار الذي جاء به الخميني أشهر من أن يذكر. والهدف تكوين الحزام أو الهلال الشيعي للسيطرة على المنطقة. وهو مصرح به على لسان كبارهم. وممن كشف عنه النقاب أول رئيس لجمهورية إيران الحسن بني صدر على قناة الجزيرة (1) . وقد كتبوا في ذلك (الخطة السرية الخمسينية) للسيطرة على دول المنطقة، وتصدير الثورة إليها. وقد صرح محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية في حينه، ومن دولة الإمارات العربية أنه (لولا إيران ما تمكنت أمريكا من احتلال العراق وأفغانستان)! قال ذلك في ختام أعمال مؤتمر «الخليج وتحديات المستقبل» الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية في 15/1/2004. وأنا أضيف فأقول: ولولا إيران ما بقي الأمريكان في العراق إلى الآن.
إيران ليست معتدية يا سيدي فحسب..
إيران عدو، وعدو بامتياز..!
هل يعني عداؤنا لإيران مناصرة أمريكا وإسرائيل؟
تحاول الدعاية الإيرانية - ودعاية المرتبطين عضوياً بها - الترويج لفكرة أن كل من يعادي إيران، ويقف ضد مشروعها، فهو مع المشروع الأمريكي والإسرائيلي. وهذا ما يوحي به - ويا للأسف! - بعض إخواننا من الفلسطينيين وغيرهم!
وهذه مغالطة كبيرة، لا أساس لها سوى التلبيس الذي يستغل العاطفة الدينية والقومية المستفزة أصلاً ضد أمريكا واليهود.
إن المشروع التوسعي الإيراني لا يختلف عن المشروع التوسعي الأمريكي، أو الإسرائيلي. وهي مشاريع متعاونة متساندة. ولا يمنع هذا من حصول التعارض فيما بينها بعض الأحيان لتعارض المصلحة، وتجاوز الخطوط المسموحة. إن لإيران عقيدتها وأحلامها ومشروعها الخطير في المنطقة، وذلك قبل مجيء الأمريكان، بل قبل وجودهم أصلاً. وأدق من عبر عنه هو الخميني حين أطلق عليه مصطلح "تصدير الثورة". وهي مستعدة في سبيل تحقيق مشروعها التضحية بحلفائها، متى ما وجدتهم عبئاً يثقل كاهلها. وستفعل ذلك ويندمون. ويبدو أنها اليوم قد فعلت هذا مع جيش المهدي. فاعتبروا يا أولي الأبصار.
وإذا كان الإخوة في فلسطين لم يكتووا بنار الخطر الإيراني، فليس من حقهم أن يصادروا حق إخوانهم في العراق في الشعور والإحساس والتصدي لخطر واقع في بلدهم يكتوون بناره في كل لحظة. وإلا فإن الخاسر في هذه الصفقة هو الفلسطيني؛ لأنه يكلفنا ما لا نطيق، وسيلجئنا في نهاية المطاف - إذا أصر على موقفه - أن نتخلى عنه؛ ما دام هو لا يشعر بمأساتنا، ولا يكتفي بهذا حتى يريد منا أن ننسى معه ما يحصل لنا من مأساة كارثية بكل ما تعني هذه الكلمة. رغم أننا لم ننسه يوماً، ولم نكلفه نسيان مأساته لأجل مأساتنا، ولا نريد له - ولا لنا - ذلك.
أيها الإخوة..! أمريكا وإسرائيل وإيران خطر علينا جميعاً، فلنضع أيدينا ببعضها. على أن لكل أولوياته التي يفرضها الواقع. نحن ندرك هذا، ولسنا نجهل أو نتجاهل كما يفعل الآخرون.
=======