بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِـــيمِ
قال تعالى :
" ما منعك ألا تسجد ما خلقت بيدي
أي : شرفته ، وفضلته بهذه الفضيلة ، التي لم تكن لغيره ، فعصيت أمري ، وتهاونت بي ؟
" قال " إبليس معارضا لربه : " أنا خير منه "
، ثم برهن على هذه الدعوى الباطلة بقوله له :" خلقتني من نار وخلقته من طين "
، وموجب هذا ، أن المخلوق من نار ، أفضل من المخلوق من طين لعلو النار على الطين ،
وصعودها . وهذا القياس من أفسد الأقيسة ، فإنه باطل من عدة أوجه : منها : أنه في مقابلة أمر الله
له بالسجود ، والقياس إذا عارض النص ، فإنه قياس باطل ، لأن المقصود بالقياس ، أن يكون
الحكم الذي لم يأت فيه نص ، يقارب الأمور المنصوص عليها ، ويكون تابعا لها . فأما قياس
يعارضها ، ويلزم من اعتباره إلغاء النصوص ، فهذا القياس من أشنع الأقيسة . ومنها : أن قوله :
" أنا خير منه "
بمجردها كافية لنقص إبليس الخبيث . فإنه برهن على نقصه بإعجابه بنفسه ، وتكبره ، والقول على
الله بلا علم . وأي نقص أعظم من هذا ؟ ومنها : أنه كذب في تفضيل مادة النار على مادة الطين والتراب ، فإن مادة الطين ، فيها الخشوع ، والسكون ، والرزانة ، ومنها تظهر بركات الأرض ،
من الأشجار ، وأنواع النبات ، على اختلاف أجناسه وأنواعه . وأما النار ، ففيها الخفة ، والطيش ، والإحراق . ولهذا لما جرى من إبليس ما جرى ، انحط من مرتبته العالية إلى أسفل السافلين
تفسير السعدى ـ رحمه الله ـ سورة الأعراف ـ آية 12